في المقابل: إسرائيل في حروبها مع العرب، لم تحارب قط على جبهتين في آن واحد. كانت تبدأ بجبهة واحدة ثم ترتد على الجبهات الأخرى واحدة بعد أخرى، لتكسب الحرب على كل الجبهات. هذا حدث بالذات في حرب الأيام الستة ١٩٦٧، وحرب أكتوبر ١٩٧٣. الحرب الدائرة اليوم على الجبهتين الجنوبية والشمالية استمرت لعام كامل، قبل أن يتحول الثقل العسكري، بصورة أساسية، مؤخراً على الجبهة الشمالية لتحييد حزب الله، ثم الالتفات مرة أخرى إلى الجبهة الجنوبية لإنهاء الحرب.
رغم أن الحرب على الجبهة الشمالية مع حزب الله تركز عليها إسرائيل جزءاً كبيراً من قوتها الضاربة، إلا أن الأمر لا يقترب من هزيمة المقاومة اللبنانية، وإن كانت إسرائيل تكرر تكتيك القتال الذي سبق وجربته على الجبهة الجنوبية باستهداف البيئة الحاضنة للمقاومة بمهاجمة المدنيين والبنى التحتية لقرى الجنوب اللبنانية والضاحية الجنوبية لبيروت والمدن الساحلية في صور وصيدا، وبعلبك في الشرق، متخليةً عن قواعد الاشتباك، التي حكمت هذه الجبهة، منذ الثامن من أكتوبر ٢٠٢٣.
لكن إسرائيل لم تتمكن من تجاوز قواعد الاشتباك الأولية إلا بعد أن تمكّنت من قتل حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.. ومجموعة من الصف الأول من قادة الحزب العسكرية، مما أربك الحزب، ولم يعد يستطيع الحفاظ على قواعد الردع التي فرضها في مواجهة أي اتساع لرقعة المعركة. حسن نصر الله في خطابه الأخير بعد حملة البيجرات وأجهزة اللاسلكي وضع قواعد الاشتباك الجديد التي تركزت على هدف مساندة غزة بأن تقف الحرب على الجبهتين في آنٍ واحدٍ.. ثم أي استهداف للضاحية الجنوبية سيتبعه استهداف لحيفا.. وأي استهداف لبيروت سيتبعه استهداف لتل أبيب.
يظهر من فعاليات الوساطة الدولية أنه قد سقط شرط حزب الله بتلازم وقف إطلاق النار في الجبهتين في آن واحد. لم يعد الحديث هذه الأيام عن مسألة وقف إطلاق النار إلا على الجبهة الشمالية، ولا كلام عن وقف الحرب على قطاع غزة. يبدو أن الحزب توقف عن الربط بين الجبهتين، وذلك قد يعود إلى القيادة الجديدة لحزب الله.. ودخول الدولة اللبنانية على الخط، بالتأكيد على سيادة الدولة اللبنانية على الحدود الجنوبية، دون ذكر تلازم جبهتي جنوب لبنان مع جبهة غزة.. وهذا إلى حد كبير يعتبر اختراقاً إسرائيلياً لموقف حزب الله حول تلازم الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، الذي كان يتمسك به حسن نصر الله.
إسرائيل مستعدة لوقف الحرب على جبهة جنوب لبنان، بأي ثمن. لكن معركتها الأساسية في حقيقة الأمر على جبهة غزة، لتتمكن من الناحية الاستراتيجية من الاستيلاء على كامل فلسطين التاريخية. إسرائيل، في نهاية الأمر، ليست لها أطماع تاريخية أو دينية في الأراضي اللبنانية، بقدر ما هو الأمر في فلسطين، ولو في الوقت الحاضر. فإذا انتصرت إسرائيل على جبهةِ غزة وتمكّنت من وأد الانتفاضة في الضفة الغربية، فإن هذا كل ما تريده، ليفشل مشروع الدولتين، للأبد.
حتى نهاية العام، وقبل أن يتقلد الرئيس ترمب مهام منصبه، تكون الأمور قد وضحت، في أي المسارين تتجه: نحو إقامة الدولة الفلسطينية.. أم ضياع فلسطين؟ نحو سلام دائم.. أم هدنة مؤقتة، تلد حرباً أخرى؟
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.