السعودية / عكاظ

ما قلته وما لم أقله لضيفنا

ولأنها الرياض التي أصبحت تستقطب الباحثين عن كل أنواع الفرص من أرجاء العالم، جمعتني مائدة الإفطار في الفندق المزدحم برجل أعمال من بلد عربي لكنه يعيش في دولة أوروبية منذ فترة طويلة، ذهب إليها في بواكير شبابه للدراسة ثم استقر فيها وشق طريقه في عالم المال والأعمال والاستثمارات، وأصبح يتردد على المملكة بعد أن وجد فيها فرصاً ثمينة مأمونة، تضمنها قوانين وأنظمة استثمار مرنة ومحفزة، يقول إنه لم يجدها في أي دولة أخرى. وبالتأكيد كنت في غاية الغبطة وأنا أسمع تلك الشهادة، وبعد حديثه عن المشاريع التي يشارك فيها، سألني بما يشبه الاستغراب عن ماهية المؤتمر الذي تجري فعالياته في ذات الفندق الذي يقيم فيه، وهو «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة»، وقد فهمت مبعث استغرابه الذي لم يفصح عنه بشكل مباشر، والذي قد يتمثل في سؤال هو: هل بلغتم في مجال الطب هذا المستوى المتطور الذي يجعلكم تنظمون مثل هذا المؤتمر.

أجبته قائلاً: نعم يا ضيفنا العزيز، لقد وصلنا في هذا المجال بالذات إلى مستويات متطورة جداً، وعلى سبيل المثال فإن تجربة فصل التوائم الملتصقة بدأت لدينا قبل 34 عاماً كأول دولة عربية وإقليمية تُنشئ برنامجاً متكاملاً لهذه العمليات المعقدة، رغم حداثة التعليم الطبي لدينا مقارنةً بدول سبقتنا بزمن طويل، ليس هذا فحسب يا ضيفنا، بل إنه تمّت لدينا إجراءات وعمليات طبية غير مسبوقة، فهل تعلم أنه قبل فترة قصيرة تمّت في أحد مستشفياتنا أول عملية في العالم لزراعة قلب بواسطة الروبوت، وهل تعلم أن لدينا مدناً طبية تقدم أفضل وأحدث أساليب العلاج لمختلف الأمراض المستعصية، وهل تعلم أن الأطباء السعوديين الحاصلين على أعلى المؤهلات وأفضل الخبرات هم الذين يملأون المرافق الطبية ويديرونها.

لقد عملت المملكة بصمت يا ضيفنا العزيز للاستثمار في رأس المال البشري، لم تنفق أموالها في مشاريع فانتازية ومغامرات عبثية، بل أنفقتها على تقديم تعليم نوعي لأبنائها وبناتها، وأنشأت برنامجاً تأريخياً للابتعاث إلى أفضل جامعات وأكاديميات العالم منذ زمن طويل، وها نحن نرى نتائج ذلك الاهتمام في كل مجالات العمل، فمشاريعنا الضخمة التي أُنجزت والتي يجري العمل على إنجازها الآن هي وطنية البصمة والهوية بامتياز.

ذلك بعض البعض مما قلته لضيفنا، لكن الذي لم أقله مراعاةً لآداب الضيافة: نعم نحن الذين كان يتعالى علينا بعض إخواننا العرب، وتصفنا نخبهم بالبداوة والجهل والجلافة، ها نحن نرتقي عتبات الحضارة والتطور في كل مجال، لكننا نأينا بأنفسنا عن لوثة النرجسية والتعالي والشوفينية.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا