الارشيف / السعودية / عكاظ

مشهد حزين وقيمة عظيمة !

بالأمس تسمّر العالم للحظات بدت وكأنها عمر وهم يراقبون شاشات التلفزيون بمشاعر متضاربة هي خليط من القلق والخوف والاضطراب والرجاء. مشاهد التلفزيون التي نقلت إليهم ما حصل للاعب المنتخب الدانماركي كريستنسين أريكسون، وذلك بسبب سقوطه المفاجئ على أرض الملعب نتيجة أزمة صحية عنيفة جداً ألمّت به. ولكن ما حدث بعد ذلك كان سيمفوفنية تلقائية من الإبهار والتنسيق الرائع وتقدير حقيقي وصادق لقيمة العلم والتعليم الذي يجعل من المخلوقات ناساً بروح أكثر تحضراً. كان أحد لاعبي الفريق الخصم الفنلندي، هو أول من لاحظ أن هناك شيئاً ليس على ما يرام في اللاعب الدانماركي بعد سقوطه، فما كان منه إلا أن أوقف اللعب فوراً. ثم جاء لاعب دانماركي لا علاقة له بالطب ولكنه من الواضح أنه يفهم في أبجديات الإسعافات الأولية، فوضع اللاعب المصاب على جنبه بعد فقدانه للوعي خشية أن يبلع لسانه أو يختنق من جراء بلع سوائله في حال تقيؤه. وفي ذات الوقت دخل إلى أرضية الملعب الفريق الطبي للمنتخب الدانماركي ليتبعه فوراً الفريق الطبي للمنتخب الفنلندي، وفي الجهة الأخرى كان يدخل فريق الإسعاف الرسمي بأقصى سرعة. حدث كل هذا في لحظات هي أشبه بلمح البصر وبعفوية وتلقائية كاملة تماما. ثم بدأت الإجراءات الطبية الطارئة والعاجلة على أرض الملعب نفسه، والتي اشتملت على صاعق كهربائي لتنشيط عضلة القلب التي توقفت عن العمل وإنعاش القلب رئوياً، بالإضافة إلى حقن مواد منشطة للقلب. الصاعق الكهربائي وكافة الأجهزة المعقدة جميعها تعمل بالكفاءة المطلوبة تماماً، لأنه يتم اختبارها بشكل متواصل والتأكد من صيانتها وجاهزيتها. الطبيب المرافق المختص جاهز ومؤهل وحاضر ذهنياً تماماً، فهو متفرغ لعمله هذا ومركّز عليه، ولم ترهقه تقلبات الركض وراء المال في المستشفيات والعيادات والبيوت ليوفر ما يحتاجه من غطاء لهموم الدنيا، فهو لديه وظيفة واحدة ومستقرة وآمنة تمنحه الدخل المادي الملائم والمستحق.

اللاعبون بدورهم أحاطوا زميلهم المصاب والساقط على أرضية الملعب يصارع الموت، في دائرة مغلقة ومحكمة حماية له واحتراماً لخصوصيته في هذه اللحظات الحرجة والمؤلمة ويبعدونه عن أعين الكاميرات وفضولها. حتى أفراد الفريق الفنلندي المنافس وقفوا بعيداً مانحين المساحة والخصوصية الممكنة في هذه الأوضاع لمنافسيهم، وبعدها قاموا بتشكيل ممر شرفي جميل يحيون ويصفقون من خلاله لأفراد المنتخب الدانماركي ليعطوهم جرعة رمزية ومستحقة من التشجيع والدعم والاحترام والمساندة، والأهم طاقة إيجابية من الإنسانية الجميلة. الموت حادث جلل وهو الذي جعل كل من كان في المدرجات حاضراً هذا المشهد أو من خلف شاشات التلفزيون متابعاً يتفاعل بشكل عاطفي عميق جداً. التعليم يرقي مشاعر الناس ويجعلهم أكثر تهذيباً وتحضراً وتمدناً. مشهد استمر للحظات ولكن به الكثير من الدروس والعبر المهمة جداً، ولعل أهمها هو الإتقان المطلوب لدور كل واحد في مهمته المنوطة به. اللاعب تم إنقاذه ولله الحمد، ولكن ما حدث معه سيخلده في ذاكرة الكثيرين. هذا ما يفعله التعليم في الشعوب والثقافات والأمم والدول. التعليم مع كل من الصحة والعدل، هم أعمدة البنيان القوي للمجتمعات حول العالم.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا