السعودية / عكاظ

«حسابات معقدة» تطارد ترمب وهاريس

تشخص أنظار العالم بشكل عام، والشرق الأوسط بشكل خاص، إلى (الثلاثاء) القادم، بانتظار القول الفصل بين المرشحين الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطية كامالا هاريس، فما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليس كما قبلها من تداعيات وانعكاسات وسياسات ستكون مصيرية على مسارات الأزمات والصراعات ومستقبل المنطقة.

السباق إلى البيت الأبيض، شهد تنافساً حاداً بين المرشحين؛ إذ سعى كل منهما للفوز بأصوات فئات متعددة بينها الصوت اليهودي، الذي على الرغم من قلة نسبته في المجتمع الأمريكي (2.2%)، إلا أنه يمتلك تأثيراً كبيراً في الولايات الحاسمة مثل فلوريدا وبنسلفانيا.

التاريخ والحسابات الجديدة

تاريخياً، يميل يهود الولايات المتحدة إلى دعم الحزب الديمقراطي بنسبة كبيرة، وصوّت نحو 77% منهم لصالح جو بايدن في انتخابات ، بينما حصل ترمب على 22% فقط. ويعود هذا الميل إلى توافق القيم الليبرالية للحزب الديمقراطي مع أولويات اليهود الأمريكيين؛ التي تشمل قضايا مثل الديمقراطية، حقوق المرأة، الصحة، وحقوق الأقليات. لكن (الحسابات اليهودية) اختلفت هذه المرة، إذ فرضت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية والقضايا الجيوسياسية مثل الوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً حرب غزة واقعاً مغايراً قد يلعب دوراً في توجيه هذه الأصوات إلى المرشح الذي يحقق الأجندة الأكثر دعماً لإسرائيل، ما يعزز من احتمالات تغيير بسيط في معدلات التصويت اليهودي.هذه (الحسابات) القابعة على عتبة البيت الأبيض، دفعت بالمرشح الجمهوري إلى إحداث اختراق في الكتلة اليهودية، مستنداً إلى سياساته الداعمة لإسرائيل خلال فترة رئاسته، في محاولة لجذب الناخبين اليهود المحافظين، وهو ما قامت به المرشحة الديمقراطية لاستقطاب دعم الكتلة اليهودية؛ أي أن المواقف التي أطلقاها على خلفية حرب غزة ولبنان ومستقبل المنطقة متشابهة. والمرشحان توافقا على دعم إسرائيل وإمدادها بكل ما تحتاجه من تسليح على قاعدة أن «أمن إسرائيل خط أحمر»، حفاظاً منهما على دعم اللوبي اليهودي. وهو ما جعل نتائج الاستطلاعات للمرشحين تتقارب على نحو «مربك».

الإعلام الغربي و«الحسابات المستجدة»

مجلة (يو إس إيه توداي)، نشرت تقريراً لخصت فيه نقاط ضعف هاريس، فقالت إنها أظهرت تعاطفاً أكبر مع غزة، لكن موقفها لم يكن مثالياً؛ وهو ما يفسر رغبة الكثيرين في عدم المشاركة بالانتخابات.واعتبرت أنه بدا مثيراً للالتفات أن هاريس وترمب قالا فى وقت واحد إن «مقتل يحيى السنوار فرصة لإحداث تسوية أو إجراء صفقة»، دون أن يقصدا المعنى نفسه، أو يتبنيا وقفاً مستداماً لإطلاق النار، بل إن ترمب اعتبر أن إدارة بايدن تعمل على تقويض نتنياهو. وكان ذلك التصريح بقدر شخصنته تعبيراً عن رهانات متبادلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى على مرحلة ما بعد الانتخابات.

وتوقعت المجلة أن تحصد هاريس نحو 60% من الأصوات اليهودية؛ وفقاً للرأي العام الإسرائيلي، بينما حصد بايدن 78% من تلك الأصوات في انتخابات عام 2020.

وانتقدت تقارير غربية بشدة هاريس لجهة تعديلها لمواقفها السياسية من الحرب على غزة لمرات عديدة بما يقتضي مع الحسابات الانتخابية المتغيرة، إذ مالت في البداية إلى شيء من التوازن لكسب أصوات اليسار والشباب الغاضب، ثم ذهبت إلى دعم مطلق لإسرائيل للحفاظ على الدعم التقليدي المالي والسياسي لحزبها من اللوبيات اليهودية.

لكن ما لم تحسب له هاريس الحساب هو الهدية المجانية التي قد تقدمها إلى ترمب، بتبنيها نوعاً من التوازن في خطابها الأخير؛ خشية أن تخسر بعض الولايات المتأرجحة، التي تتمركز فيها أقلية عربية مؤثرة، مثل ميتشيغان التي تتجه للامتناع عن التصويت أو وضع بطاقات بيضاء فى صناديق الاقتراع.

الصوت اليهودي والولايات الحاسمة

أما الإعلام الإسرائيلي، فقد كتبت صحيفة (جيروزاليم بوست)، «إذا أردت مصلحة إسرائيل فلا تنتخب هاريس». وطرحت سؤالاً عن الرئيس الأكثر إيجابية من منظور إسرائيلي. ويرى مراقبون أن الإجابة على هذا السؤال ستؤثر بشكل واضح في مزاج اللوبي اليهودي.وتلاءمت الإجابة مع سياسات اليمين الإسرائيلى المتطرف الذي اتهم هاريس بأنها كانت تلقي باللوم دائماً على إسرائيل وتتهمها بقتل كثير من المدنيين فى غزة». كما نسب إليها معارضة الحرب ضد إيران عام 2020، والتصويت لصالح مشروع سحب القوات الأمريكية من اليمن عام 2009، وانتقاد الضربة الأمريكية لمواقع عسكرية فى سورية عام 2018 بمزاعم استخدامها أسلحة كيميائية.

وفي تقارير مماثلة في صحف إسرائيلية نُشرت على مدى الأسابيع الفائتة، أوردت سجلاً حافلاً من القرارات التي اتخذها ترمب؛ منها: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل وإدارة المفاوضات لإتمام الاتفاقيات الإبراهيمية، وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ووقف دعم (الأونروا) والانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، وإدراج الحوثيين في قائمة الإرهاب الدولي.

الواضح أن (الحسابات المستجدة) تعكس ديناميكية سياسية تجعل الصوت اليهودي قادراً على التأثير في ولايات حاسمة، فهل يكون له دور في إحداث تغيير في التوازن السياسي بين الحزبين؟.

يذكر أن الصوت اليهودي لا يمثل على المستوى الوطني سوى 2%، لكنه مهم في بعض الولايات المتأرجحة، فهو يمثل 1.3% في جورجيا، 3.5% في بنسلفانيا، 3% في أريزونا، وعليه يكفي فقط أن يحصل المرشح على 0.5% لكي يتغير كل شيء. مع التذكير بأن بايدن فاز بولاية أريزونا بحصوله فقط على 0.3% من هذه الأصوات في 2020.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا