السعودية / عكاظ

النصيحة السعودية للإقليم!

لا شك أن المنطقة العربية في حاجة لنصيحة يمكن أن تغيّر مسار الآلام الذي تسير فيه منذ مئة عام وأكثر، أما لماذا السعودية، فلأنها تقدم نموذجاً ناجحاً يمكن تطبيقه في التنمية والاقتصاد بدلاً من الحروب والعسكرة والمغامرات غير المحسوبة.

ما حصل ويحصل في الإقليم العربي هو نتائج لأنشطة وتصرفات وقرارات -على مدى عقود- ربما لم يقدر من قام بها أن نتائجها وانعكاسها على مصير الأبرياء، ولكن عند حدوثها يجب أن نتوقع معالجتها حسب تصورات المنتصرين والأقوياء، هذا ما حصل مع صدام حسين عندما احتل الكويت -على سبيل المثال.

في ظني أن الغرب لا يصنع أغلب الأحداث، بل يتوقعها ويتصورها ويضع الخطط لمواجهتها ويحضر دائماً الخطط البديلة، لكنه بالتأكيد يستفيد من أي حدث ويعظم نتائجه لصالحه.

واحدة من مشكلاتنا في هذا الإقليم هي عدم استقراره لمدة مئة عام وأكثر، ومقارنة مع أوروبا -القريبة منا- سنجد أن آخر صراعات شهدتها كانت الحرب العالمية الثانية، بينما عاش الإقليم العربي عشرات الحروب والانقلابات والثورات والخضات، فما أن ينتهي انقلاب في دولة إلا ويظهر في أخرى، وما أن تنتهي فتنة حتى تخرج أخرى، وما أن تتوقف حرب إلا وتقوم منظمة أو مليشيا بإشعالها مرة أخرى.

إقليم مضطرب متنافر، يعاني من تصرفات انفعالية منفردة، تسحب المنطقة جميعاً إلى الجحيم، ثم تبدأ المطالبات بالعلاج.

في نظري أن الحلول الاقتصادية السعودية هي أفضل خيارات المنطقة، فلا مجال لتغيير الخرائط، ولا للانتصار عبر الميكرفونات والبيانات والأمنيات، وهو ما فشل فيه صدام في الكويت والقذافي في تشاد وتونس.

النظرية السعودية تقوم على تحول المنطقة إلى الخيارات الاقتصادية بدلاً من الخيارات الثورية أو العسكرية أو التخريبية، وقبول التنافس الاقتصادي والسياحي والثقافي، مثلما يحصل في أوروبا، وعلى كل دولة أن تكتشف مزاياها التنافسية، وتعظمها لصالح تطور اقتصادها، دون غضب من الدولة الأخرى.

الفرنسيون مثلا يقدمون للعالم متحف اللوفر، يورو ديزني، وبرج إيفل، وهم من يقود صناعة الطائرات الإيرباص والرفال والغواصات، والإسبان يقدمون سياحة الشواطئ، ويبرعون في صناعة الأغذية والصناعات العسكرية البحرية.

إيطاليا عظمّت من دور عاصمتها روما الثقافي في العالم، وسوّقت للريفيرا الإيطالية بنجاح مذهل، فضلاً عن كونها من أهم دول صناعة الجلديات والأزياء، ومثلها اليونان، وألمانيا وغيرها، كلها تتنافس اقتصاديا، وكلها اقتنعت باستحالة الصراع العسكري الذي عصف بها في الحربين الأولى والثانية وأدى إلى تفككها وتحويلها إلى مقبرة جماعية.

الأمير محمد بن سلمان قدم نصيحته للإقليم العربي، داعياً الجميع للصعود مع السعودية في قطار الاقتصاد.. قال ذلك في منتدى الاستثمار قبل سنوات، وأثنى على بعض اقتصادات المنطقة، متمنياً أن تكون المنطقة أوروبا جديدة، ليست بديلاً عنها، ولكنها تشبهها في آليات التنافس، وتستبدل الآلام بالنجاحات الاقتصادية.

الأمير محمد لم يقدم نظرية طموحة فقط، بل طبق نموذجه الناجح لاقتصاد عانى لسنوات طويلة من إدمانه للعوائد النفطية، ليتحول إلى اقتصاد متنوع ظهرت نتائجه وثماره في واحد من أكبر صناديق الاستثمار في العالم، لدرجة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يثني عليه ويتمنى إنشاء صندوق أمريكي مشابه له.

لا مجال أمام الإقليم العربي إلا الخيار الاقتصادي وإلا سنبقى نرزح تحت وطأة الحروب والدماء والآلام لسنوات طويلة، فلا أتصور أن السوريين ولا اللبنانيين ولا الفلسطينيين -على سبيل المثال- قادرون على تحمل المزيد من الدماء والمآسي.

لقد حان وضع البندقية في المتاحف، واستبدالها بالتعليم، والتصنيع، وجذب الاستثمارات، فتصنيع مضخة للزراعة وتصديرها أفضل من تصنيع صاروخ لا يغني ولا يسمن من جوع.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا