السعودية / عكاظ

الحلم النبيل.. استمرار للمشروع السعودي

على الرغم من أن «رؤية 2030» توفر نظرة ثاقبة على نهضة الدولة السعودية؛ فمن المهم التأكيد على أنها امتداد لمسيرة تاريخية طويلة من التحولات. ومن الضروري أن نركز على ما أسميته بفكرة «الحلم السعودي»، باعتبارها «حالة ذهنية» شكلت الوطن قبل تأسيسه، الفكرة المركزية في طبيعة الدولة السعودية التي فاجأت العالم باحتضانها الظاهرة النادرة والمتمثلة في الدورات الثلاث المتميزة من الصعود والانحدار والنهضة.

إن تاريخ ميلاد الحلم السعودي موثق بأنه حدث في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، عند تولي المؤسس الإمام محمد بن سعود إمارة الدرعية في عام 1727 واستقرائه بـ«ضرورة الوحدة»؛ حيث كان مناخ الاضطراب والسير نحو المجهول يهيمن على المشهدين السياسي والاجتماعي للجزيرة العربية.

ومع ذلك، فإن تحليل نشأة الدولة السعودية في أدوارها الثلاثة لا ينبغي أن يقع في فخ التفسيرات التي ترى في كل إمارة أو إقليم كيانًا مستقلاً؛ لأن ذلك لا يقدم تفسيراً منطقياً لظاهرة تكرار الدولة السعودية ووقوف الشعب معها. فأنا أزعم بأن الولاء العام لم يكن موجهاً نحو الهويات المناطقية الضيقة، بل نحو الوحدة الاجتماعية والسياسية الشاملة.

يدعم ذلك؛ أن مشروع القادة السعوديين، عبر تاريخه الطويل، لم يكن في مواجهة مع الشعب وإنما مع بعض الشخصيات السياسية التي سيطرت عليها الفكرة قصيرة النظر (إمارة محلية وزعامة قبلية) الحاجبة لاستيعاب الوحدة الكاملة والعائقة لها.

إن ما يجعل الحلم السعودي ظاهرة نادرة هو التجدد عبر التاريخ، وهو ما يفسر كيف استطاع الملك عبدالعزيز توحيد المملكة في عام 1932، عبر إحياء رؤية الوحدة والاستقرار السياسي والنهضة.

وبالفهم على هذا النحو، من الآمن القول بأن المؤسسين الأوائل (الإمام محمد بن سعود والملك عبدالعزيز) هما الأبوان الروحيان للفكر السياسي والاجتماعي الحديث في الجزيرة العربية، نظراً لما قدماه من نهضة ذات تأثيرين حاسمين، فمن ناحية أعادت للجزيرة العربية مكانتها السياسية والاجتماعية المفقودة منذ عام 657 وحملت تطلعات أبنائها في تحقيق مصالحهم وضمان أمنهم. ومن ناحية أخرى بشرت بمفاهيم «المقاومة» و«التحرر» من قيود الأنانية السائدة وباليقظة العربية القادرة على البناء، عبر منظور «استقرائي فريد» ظهر في ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة في التجربتين (الأولى والثالثة)؛ وهي العملية الديناميكية في خضم اللحظات الفاصلة التي يتشكل من خلالها التاريخ.

وفي القرن الواحد والعشرين، تأتي «رؤية 2030» كتجسيد حديث للحلم السعودي، فهي ليست مجرد برنامج اقتصادي، بل تحتفظ في جوهرها بنفس المبادئ التي زرعها وقاوم لأجلها الآباء المؤسسون: الاستقرار، الوحدة، خدمة الشعب، والقدرة على إعادة بناء الذات في مواجهة التحديات. وعلى هذا فإن استمرار الدولة السعودية يكمن في إعادة تعريف الذات في إطار استمرار خطاب تاريخي وسياسي وثقافي راسخ.

لقد أعادت «رؤية 2030»، باعتبارها تصوراً وتطوراً جديداً للدولة السعودية، تشكيل الخطاب من حيث كيفية رؤية المملكة لنفسها في مواكبة تطلعات العصر، ومع ذلك فإن تحديثها يمثل استمراراً لذلك الحلم النبيل وليس رحيلًا عما سبق.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا