الترقب أيضاً يشمل التسعمائة جندي أمريكي المتواجدين في شرق سورية، وما هي نوايا العائد لساكني البيت الأبيض، والذي صرح أن سورية ليست شأناً أمريكياً وعلينا أن نراقب المشهد دون أن نتدخل، وهذا أمر غير متاح بطبيعة الحال.
لأن الإدارة الأمريكية تحتاج أن تختار بين دعم الأكراد، أو بصيغة أخرى حماية الأكراد من الأتراك، وربما الدفع نحو حكم ذاتي كما فعلت مع كردستان العراق، أو السير بالمسار الثاني وهو منح ضوء أخضر لتركيا في إبعاد الأكراد عن الحدود لمسافة 30 إلى 40 كلم عن حدودها الغربية.
الإدارة الأمريكية الحالية أرسلت رسالة مهمة عبر زيارة رئيس القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) لقوات سورية الديمقراطية، ومن المعروف أن بايدن مؤمن بالحكم الذاتي للأكراد، وإدارة ترمب لا أتوقع أن تكون بنفس الإيمان، لكن بالمجمل الموقف الأمريكي لن يختلف كثيراً بين الإدارتين ولن يسمح بعمليات تركية كغصن الزيتون التي قامت بها القوات التركية في 2018، لكن بالطبع ستكون هناك ضمانات لأنقرة.
الدروز من جانب آخر ظهرت الإشاعات بعد اجتماعهم في «حضر» إحدى قرى جبل الشيخ، ومطالبتهم بالانضمام لإسرائيل، وهو ما استنكره الشيوخ، وهناك دلالة أخرى وهي اتصال وليد بيك جنبلاط مع الجولاني، والتصريح اللافت من أحمد الشرع حين قال لولا مسيحيو ودروز سورية لم تكن لتنجح الثورة.
من ناحيتها، وجدت إسرائيل فرصة لقضم مزيد من الأراضي السورية، ولكن استمرار هذا الوضع مرتبط بمدى قدرة سورية على تشكيل حكومة قوية وبمشاركة الجميع، مما يسمح لها بإعادة اتفاق 1974 على أقل تقدير، أما روسيا فلا يبدو أن أحداً سورياً يريد المس بقواعدها ومصالحها.
لكن بعيداً عن الأحداث اليومية لسورية، ما حدث فيها يمثّل سقوط الحجر الثالث في محور المقاومة، إن كان ما زال يمكن تسميته محوراً، حيث أتى بعد تآكل كبير في قدرات ومقدرات وقيادات حزب الله وحماس، ويأتي ليمثل قطعاً لشريان الإمداد إلى حزب الله، والذي لا يعد «تفصيلاً» كما أشار نعيم قاسم أمين حزب الله، والذي يبدو أنه لا يفتقد الكاريزما فقط ولكن للمنطق أيضاً.
ولا شك أن هذا الزلزال الكبير ستكون له آثاره على المستوى المتوسط في العراق وبشكل أكبر في اليمن. وهو أمر مرتبط بأي جزرة وأي عصا سيحضر ترمب.
عربياً، اعتدنا القول إن المنطقة مرهونة بالمشاريع غير العربية، ولكنها اليوم فرصة حقيقية لبناء شرق أوسط جديد، كما أشار سمو سيدي ولي العهد السعودي قبل سنوات، حيث يكون الاستثمار في العقول لا في البارود، وتكون صادراتنا صناعية وزراعية، لا أن تكون كبتاجون كما كان اقتصاد حزب الله والفرقة الرابعة السورية.
ختاماً، يذكرني المشهد السوري اليوم وحالة الترقب وعدم اليقين، برائعة إحسان عبدالقدوس «دمي ودموعي وابتسامتي» والتي أخرجت فيلماً في 1973، وأضفى عليها لمسة حزن موسيقى إلياس الرحباني، حيث تعد دراما قاسية عاشتها ناهد، ولا شك أن 14 سنة كانت أكثر من دراما قاسية في سورية، لكن كل الرجاء أن تكون النهاية أخيراً سعيدة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.