أسكت العريفة الصخب، وقال قولوا؛ لا إله إلا الله، فردوا بصوت واحد؛ وحده لا شريك له، فقال؛ الضارب والمضروب أولادي، وباروّحهم بيتي، وممساهم عندي، وأعرف منهم؛ العادي، والبادي، فاعترض الفقيه؛ كون العريفة بيجمع الأولاد وأمهاتهم عنده والآباء مسافرين، فقال العريفة؛ ودك تُبجم على شحم، وإلا بجّمتك، رُح راحت الرياح في بطنك ذيه اللي كما الجدار المحبّل، وهمّ المؤذنّ بهرجة، فاتعظ بما برد به العريفة وجه صاحبه؛ فقال؛ سرْ يا فقيه نلحق الصلاة، وعريفتنا سدّ في رقاب، خلّ عنك ما يسد في خشم مسلوك، وإذن مملوخة.
تحاشى العريفة، توسيع دائرة التدخلات، وقرر حسم الموضوع بالصُّلح، في ليلتها، فشياطين الإنس كما يصفهم، بيؤزمون الموقف، وربما تطيح رقاب، بسبب عضة الإذن، وجرحة الخشم، فأمر الحاضرين بالانصراف، قال؛ هيا توكلوا على الله، وكل واحد يلمح له ضيعة، فتجاوبوا لتدارك، ما يمكن تداركه، من عمل بقية النهار، وروحوا للمبيت، والفضول يدفعهم، لمعرفة ما يدور في بيت العريفة.
كان الشاعر يفتح (الخلف) ويمد رأسه باتجاه المسراب؛ ويضع كفه حول إذنه اليسرى، أربّ الله تلتقط كلمة، ترفع أسهمه عند زوجته، بأنه خبير، ومواكب للحدث، وما يغيب عنه شيء، ولم يصبر الفقيه والمؤذن؛ حتى تصبح، فسريا بعد صلاة العشاء، واقتربا من نافذة بيت العريفة، وكل واحد منهم يلصق خده بخشب النافذة، فلمحهم العريفة من شقوق الخشب، فولّع سيجارة العمايدي، ونفث الدخان عليهم، فعطس الفقيه؛ فردّ المؤذن؛ حَشْرة، ففتح العريفة درف النافذة، مردداً؛ وش تدورون يا صُمعان ويا ديكان، أرقدوا الله لا يمسيكم بالخير.
كانت زوجة العريفة، تفلّي، أصغر أولادها، محتضنة رأسه على فخذها، بجوار الملّة، وتغنّي له (علي علي؛ ناقة حلِي؛ شعره كما صوف الطلي) والصغير متحالي الدفاة، ويتخيّل ناقة حلي، وصوف الطلي، فكلّفها العريفة، تدعي له (أم وحيد ) و(أم فريد) وتجهز عشاها، والفقيه يتابع من سقف بيته، ويعضعض براطمه، فيما أرسل (علي) يأتيه بالمختّن، ليعالج المصابين، ولكنه اعتذر كون شوفه تقاصر، وحتى الختان ما عاد له قدرة عليه، ونصحه يرسل (سعيد) يجيب الدكتور السوداني من الظفير.
انطلق ابنه البكر، فوق المشدود، أوصاه؛ يسمي بالرحمان إذا وصل بين الأسودين، ولا يلتفت وراه، وأعطاه الكشاف، ليتضوّح به في الخنقة، وما عاد بالطبيب إلا تالي ليل، فطلب قدراً صغيراً، ووضع فيه إبره، ومشارطه ومقصاته، وغلاها في الماء نصف ساعة، وبدأ يخيّط إذن (وحيد) والأمهات كل واحدة ضامة ابنها على صدرها، و(فريد) مركّز في المشهد وينتفض، وتعشوا جميعاً، وباتوا في أمان الله وضمانه، في بيت كبيرهم، وفي الصباح كلا أخذ له وجهة.
سمع العريفة، أن مندوب الطارفة، وصل القرية، وسحب الضارب والمضروب، وذهب بهما للحكومة، فركب حمارته ولحق بهما، وعرّف بنفسه، وأبلغهم؛ أن أبو وحيد وفريد في سفر، وبصفته عريفة، فهو وكيل عنهما وكفيل، في كل ما يلزم، فقبل الطارفة وفوضه، وشدد على إنهاء الخلاف، والصلح بينهما في أسرع وقت، فلزم العريفة لحيته، وهو خارج من الباب، سأل قهوجي الطارفة؛ من اللي جاءكم اليوم من قريتنا، فاقترب منه وخفته في إذنه باسمه، فقال؛ طيّب دواك عندي يا نقنوق، وعقد العريفة اجتماعاً بالجماعة، وقال؛ ما يدغثر الما إلا أهتش الثيران، ولا يحرث الفتن إلا دِني، وترى عندنا لكل لِحية موس؛ ولكل شارب مقص، وأنا أختّم لأم وحيد وأم فريد، بمدين حنطة ونصيف ذُرة، وربيع مشعورة، وريال فرانسي، فمد لهن بما يطيب خواطرهن، وامتدح الشاعر ما قام به، وعبى قصيدة (الشيخ شيخنا وانحن وفايته، ومن جا من فوقنا حانت وفايته)، فانتشى العريفة، وميّل العقال، وقام المؤذن، وسلّم في رأسه، وقال؛ عادتك الشور المثمر، وبياض الوجه، فقال الشاعر؛ وشب الفقيه ساكت؟ فأجابه المؤذن؛ الساكت سُمّ ناكت، وتضاحكوا، والفقيه خجلان، فقال العريفة؛ الفقيه كما المرسم، يكتب برأسه، ويمسح بمؤخرته، فخرج زعلان، وما غربت الشمس، إلا وبيت العريفة مليان بالحُبّان، والسمنان، والتُمران، والقهوة، والحوايج، فطرق الفقيه الباب؛ ونادى يا كبيرنا؛ قال؛ أرحب يا بو ذيك السوايا، فقال؛ والله ما مع فقيهك ما يتعشاه، وأنت دفعت رضوة قليلة، واسترديتها عشرة أضعاف من ضعوف الله، يا ويلك من ربك، قال العريفة؛ ويلنا من ربي كُلنا يا فقيه.
رفع على رأسه قفه، فيها خير، وهو نازل من الدرجة، تمتم ببيت (يأبى من القرش والمِيّه يُقل هاتها)، فسمعه العريفة وعلّق؛ لو تغسّل بصابون مكة، ما معك يا فقيه م الطبع فكّه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.