تنتشر “الإبل السَّواحل” أو السَّاحليات ومفردها ساحليّة، على الشريط التِّهامي المتاخم للبحر الأحمر من جازان جنوبًا وحتى ظِباء شمالًا، وتحظى بشعبية كبيرة في المنطقة الغربية من المملكة؛ لما تتميز به من الطّباع الجيّدة التي تنفرد بها عن غيرها من الإبل، يقول شاعر قديم:
يا ظبي مرباك شامه والسّرَب وأبو شدادين
مربى الجوازي ومربى كل حمرًا ساحلية
وتعرف السّواحل بأنها من أصغر فئات الإبل حجمًا، ويصنّفها البعض بأنها من فئات (الحمر)؛ لكن المتتبّع لصنف “السّواحل” يدرك أنها سلالة مستقلة متعددة الألوان فمنها: “الحمر البرص”، و “الحمر الدميّة” التي يسمّونها “الدّهم” التي في مثل لون التمر، أو أغمق بقليل وهي المرغوبة لدى ملاك السّواحل غالبًا.
وتختلف مسمّيات ألوان هذه الإبل من بيئة إلى أخرى على طول امتداد ساحل تُهامة، فبعضهم يقول: “إن من ألوانها الحُمر الدّهم، والحُمر السّحم، والحُمر الشِفق، والظّمي، والصُّفر و المُغر”.
سلالات الإبل السّواحل
وتتميز “الإبل السّواحل” بتعدد سلالاتها فمنها العِرْب: ويقال لها (العَرابا) ومفردها “عِربيّة” بكسر العين، وهي من أفخم سلالات الإبل عند البادية، وأهم ميزاتها الوبرة الحرشاء و اللّحمة المتينه، وغالبًا ما تكون متوسطة الطول، ومذاق حليبها لذيذ، ومنها الخواوير: ومفردها خوّارة، وهي الناقة كثيرة الحليب كبيرة الثدي، أما نوع الرِّق: فتنتشر على طول امتداد الساحل الغربي من حلي إلى جازان، وتدخل في البحر وتتغذى على نبات الشورى والعِكرش والحمض، ويقال: إنها تشرب القليل من ماء البحر إذا كانت تعاني من الخِلّة، وهي الحاجة الشديدة إلى الملح، وفي البحر أماكن محددة فيها عيون عذبة تعرفها الإبل وتشرب منها، وهذه السٌّلالة من أرق أنواع الإبل جلدًا، نظرًا لوبرها الأحص، ومن مميّزاتها صغر الرأس والحجم، وتوسط السّنام، وكثرة الحليب.
أما أنواع السّواحل فمنها الحِرْش: واحدتها حرشاء، وتنتشر في السّهول المحاذية لساحل البحر الأحمر من القنفذة جنوبًا إلى منطقة تبوك في الشمال الغربي من المملكة، وتتميز بكثافة وبرها، وأسنمتها المتوسطة في ظهورها، ورؤوسها كبار نوعًا ما، ولها مشارب ضافية، ونحورها واسعة، وغواربها منقادة، وجوانبها واسعة، وطولها متوسط، ومنها “الجَرشيات”: أو الجارشِيّات، وهي نوع من الإبل السواحل التي ترعى الأراضي الرملية الساحلية، وترعى نباتات الأودية السهلة، ولا تتأثر بالوعورة الخفيفة، وألوانها حمر، ومنهم من ينسبها إلى “جُرش” الموقع الأثري المعروف، يقول الأديب محمد بن معبر في كتابه: جرش: “واشتهرت جرش بإبلها، فيقال: ناقة جرشية، قال بشر بن أبي خازم الأسدي:
تحدُّرَ ماء البئر عن جُرشيةٍ
على جربةٍ تعلو الدّيار غُرُوبُها
المُريريّات
ومن أشهر مرابط الإبل الساحليّات القديمة “المُريريّات” في تهامة زهران، ويوجد سلالات طيبة في بلاد بني شُبيل وبني مروان، وتتميز بالطول عن بقيّة الإبل من هذا الصنف في الجزيرة العربية، وتنتشر على طول امتداد بلادهم من ميدي جنوبًا في الجمهورية اليمنية إلى الموسّم شمالًا في منطقة جازان.
وتعد “السّواحل” من أكثر الإبل في منطقة الحجاز، وهي أصغر جِرمًا وطولًا من “حمر المجاهيم”، وترغب في رعي السُّهول السّاحلية، ولا تميل إلى الرّعي في الجبال، كما أنها لا تتأقلم في الدّيار الباردة، ووبرتها غالبًا حصاء؛ لتناسب؛ أجواء تهامة الحارّة، ورقابها طوال جرد، ويميزها طول غواربها، ورؤوسها المتوسطة، و مشاربها الكُشم، واحدتها كشماء)، وأسنمتها في منتصف ظهورها مما يقابل سُرّتها، وتكثر فيها الإبل الكوم؛ نظرًا لاكتناز لحومها وصغر أحجامها، وتتميز بطول الجنوب ووسع النحور، وفي عراقيبها هَزَع، ولها أخفاف كبيرة، وذيولها أطول من أنواع الحُمر الأخرى بحجم قليل، كما تتميز بوسع الفقار، وامتداد العيز نوعًا ما، ولها ضروع كبيرة.
وتوصف “الناقة السّاحلية” بالقوة؛ فهي ليست من صخاف الإبل، فيمكن أن يباع حوارها بعد أن يبلغ خمسة أشهر، كما يمكن أن تلقّح بعد شهر ونصف أو شهرين من ولادتها (إنتاجها) ولذا فهي تتكاثر بسرعة، كما أن أسعارها في متناول اليد مقارنة بغيره من أنواع الإبل، عدا الأصناف الفاخرة منها التي تشارك في مزاينات الإبل، فهي تخضع لقياسات الجمال كغيرها من الإبل وأسعارها عالية.
وغالب ملاك الإبل السّواحل في الزمن السابق أهل زراعة وحرث؛ لذا تشكّل عندهم “الناقة السّاحلية” شيئًا ثمينًا؛ فعليها تنقلاتهم بين قراهم ومزارعهم، وهي التي تجذب لهم المياه من الآبار عن طريق السواني، كما يكثر استخدامها في معاصر السّمسم المنتشرة بكثرة في تهامة.
وتحدث أحد المهتمين بالإبل السّواحل المواطن: أحمد الخِرش العُمري لـهيئة وكالة الأنباء السعودية “واس” عن إبل السواحل وماتتميز به من الصفات منها اقتصاديتها في الأكل، إذ يكفيها القليل من الطعام، وربما اعتمدت على ما تجده من أشجار البر والبحر، ونباتات المواسم الممطرة، كما تتميز بهدوء طبعها، وسهولة انقيادها للراعي، مستذكرًا قصص وفائها لصاحبها وحمايته وقت الخطر.
الجدير ذكره أن فئة “الإبل السَّواحل” سجّلت حضورًا مميّزًا في “مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل” في الصياهد الجنوبية منذ النسخة السادسة عام 2021م، وعزَّزت منافسات أشواط السواحل بفئتي الفردي والجمل هذا العام 2024م، قيمة أسعار الفرديّات، التي تجاوزت حاجز الـ 400 ألف ريال بأضعاف أسعار النُّسخ الماضية، ما يعكس قوة المنافسة ومستوى المشاركة في النُّسخة الجارية التي انطلقت الأحد الماضي، وتستمر حتى 3 يناير المقبل.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة المواطن ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من المواطن ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.