السعودية / عكاظ

انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني

قدَّم الشاعر والأديب معبّر النهاري وصفًا نقديًا وأدبيًا لقصيدة الشاعرة منى البدراني «خنساء المدينة»، التي أهدتها مؤخراً لحائل وأهلها وألقتها في أحد الملتقيات الأدبية الثقافية بمدينة حائل بعنوان «بعد حيِّي».

وركزت البدراني في موضوع الوصف على العلاقة الوثيقة بين المكان (حائل) والشخصية المتخيلة التي تتوجه إليها بالكلام عبر عناصر وصفية دقيقة، جعلت من حائل حالة إنسانية تتمحور حولها حالة التوصيف فتجعل من النص حالة تنقل عبره مشاعرها تجاه محبوبتها حائل ويغدو المكان رمزًا للحنين والانتماء، وهذا يمثل نوعًا من «التشاكل الموضوعي»، حيث تتفاعل الذات الشاعرة مع المكان بوصفه كائنًا حيًا.

واعتمد النص على ذاتية البحر الطويل، الذي يُضفي «الإيقاع الثابت» و«التفعيلة الطويلة»، مما يعكس جدية النص ووحدة موضوعه، فالبحر الطويل يلائم هذه الأجواء الوجدانية العميقة التي تصف فيها الشاعرة وطنها ومشاعرها بأسلوب يوازن بين الجمال اللغوي والوحدة الدلالية.

وتتميز لغة الشاعرة منى البدراني بـ«الانزياح اللغوي» الذي يضفي بعدًا رمزيًا على الكلمات؛ فنجد تراكيب مثل «يفتر ثغر الشاذلية» و«تَراقصَ لحن السامريّ» التي تخلق «استعارات حيّة»، تجعل الوصف مفعمًا بالحياة وكأن المكان يتجاوب مع أحاسيسها.

وأعطى استخدام الشاعرة لمفردات ترتبط بالثقافة الحائلية، النص «حضورًا ثقافيًا» ليعكس عمق انتماء الشاعرة للأرض وللتراث، حيث كثفت الشاعرة من استخدام «التشبيه» و«الاستعارة»، لتضفي على النص بُعدًا جماليًا يستدعي الصور الذهنية لدى المتلقي.

فعلى سبيل المثال، يأتي قولها «تَراقصَ لحن السامريِّ بِرملِها» كنوع من «التشخيص»، حيث تبدو الطبيعة ككائن حي يتفاعل مع ألحان السامريّ، بينما تستحضر تعابير مثل «أأكتم بوحًا في ثراها مغازلًا» أجواء الرغبة العاطفية التي تتمازج مع الحنين المكاني، مما يعمق «البعد الشعوري» للنص.

أما بالنسبة للتناسق الجمالي وتكثيف المعنى والذي يظهر جليًا في القصيدة حيث يتضح وصف المكان وحركة الأحاسيس، ما يعطي النص «تجانسًا دلاليًا» بين الذات الشاعرة والمكان، وهذا التناسق يتجلى في الأبيات من خلال «التكرار» و«الصور الشعرية»، مما يخلق «فضاءً تخييليًا» يعكس تعلق الشاعرة بالبيئة الموصوفة.

وكذلك تتضح السياقات الشعرية من خلال التكرار والإيقاع الداخلي، من خلال تكرار عبارات مثل «بعد حيِّي» و«أأنسى هواها» الذي يمنح النص «الإيقاع الداخلي»، الذي لا يعتمد فقط على التفعيلة، بل أيضًا على «التكرار الصوتي» للألفاظ، مما يعزز التماسك بين الأبيات، ويضيف بُعدًا من «التنغيم» الذي يجعل القصيدة شبيهة بالمقطوعة الموسيقية.

أما البعد الرمزي والأنسنة، فقد استخدمت الشاعرة رموزًا مثل «حاتم طيّ»، و«السامري»، و«أجا وسلمى» لتعميق «البعد الثقافي» للنص، وهذه الرموز تتيح للقصيدة أن تنفتح على فضاء أوسع من مجرد الوصف المباشر لتتحول إلى استحضار للتاريخ والثقافة، مما يعمق «الأنسنة» التي تجعل المكان يبدو كشخصية تملك أحاسيس وتاريخًا خاصًا.

وتبرز القصيدة في وصف مشاعر الشاعرة تجاه الأرض، إذ يبدو المكان كجزء من ذاتها ومن ذكرياتها، ما يضفي على النص «البعد النفسي»، وتنعكس هذه المشاعر في كلمات الشاعرة التي تصور علاقتها بالأرض كمحبوبة، مما يمنح النص نكهة وجدانية خاصة تجعل القارئ يشعر بمدى عمق هذا الارتباط.

والقصيدة تمثل لوحة وصفية متكاملة، تعبّر عن عمق العلاقة بين الذات الشاعرة والأرض، وتستحضر رموز التراث لتخلق نصًا يتجاوز كونه مجرد غزل في المكان ليصبح «قصيدة هوية» تستدعي جماليات المكان وإرثه الثقافي. وبهذه الطريقة، تمثل القصيدة انصهارًا بين «التجربة الشخصية» و«التجربة الثقافية»، لتصبح تعبيرًا عن ارتباط خاص بالأرض والتراث.


ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عكاظ ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عكاظ ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا