هناك مؤشرات عديدة جداً يعرف بها وضعية أي مكون في البلاد ويمكن قياس فعاليته. مثل مؤشر البطالة ومؤشر التضخم ومؤشر الإنتاج وغيرها بطبيعة الحال من المؤشرات التي تعرف بالمؤشرات الكمية، وذلك لكونها تقيس الأداء الكمي للمكون. ومؤخراً ظهرت مؤشرات نوعية في بعض الدول وتطبقها بعض الحكومات مثل مؤشر الرضا ومؤشر السعادة على سبيل المثال لا الحصر.وتمنح هذه النوعية قياساً مختلفاً عن المؤشرات الكمية فهي ذات معايير مختلفة لها علاقة بردود أفعال الأشخاص وأحاسيسهم تجاه المكون المعني. ومع كثرة الحديث في مجتمعات مختلفة عن التعايش بين أفرادهم المتنوعة زادت المطالبات بوضع مؤشر يقيس بفعالية مدى نجاعة التعايش فيها. وكان التعايش لفظاً دوماً ما يستخدم كشعار مثالي يرمز فيه بقدرة المجتمع على التعايش السوي بين كافة أطيافه المختلفة والمتكونة من أديان ومذاهب وطوائف ومناطق وأهل مدن وأهل قرى؛ رجالاً ونساءً وشباباً وكباراً في السن.وتبحث المجتمعات عن أفضل الأساليب لقياس ومعرفة مستوى التعايش فيها، وذلك لأجل التعرّف حقيقة على فعالية الأنظمة والقوانين الموضوعة لعمل ذلك حتى تحقق الحد الأدنى من التكافؤ المجتمعي المنشود.ودائماً ما يتم التعرض لموضوع التعايش بتقديم أمثلة عن قبول الآخر المختلف سواء أكان ذلك بخلفية دينية بمختلف أوجهها أو خلفية مناطقية بشتى أشكالها أو بخلفية عرقية أو التمييز بين الذكور والإناث.وهناك مسألة جديدة بدأت تنال نصيبها من الاهتمام والدراسة فيما يتعلق بالتعايش والتمييز السلبي والتنمر، وهي مجموعة كبار السن في المجتمع، وهو الوصف الذي يطلق عليه ageism وهي ظاهرة بدأت تنال الاهتمام المتزايد من المختصين في علوم الاجتماع لمعرفة آثار ذلك السلبية في مختلف المجتمعات التي تعاني منها.وهذه الظاهرة يصفها المختصون بأنها منهجية منظمة لإقصاء كبار السن من الفرص الوظيفية وفرص التطوير والتأهيل والتدريب والمناصب الوظيفية المستحقة لصالح فئة الشباب بشكل عام لا يمكن إنكاره.وتقدم المبررات التي تؤيد هذه المنهجية المتبعة والتي تفضل فئة الشباب أنهم «أقل تكلفة» و«أكثر حماساً»، أما الطرف الآخر المدافع عن فئة كبار السن فيقول إن عنصر الخبرة والحكمة وتجربة السنين لا تقدر بثمن ويجب أخذها في عين الاعتبار حتى تمنع ميلان الكفة لصالح طرف على حساب الآخر.وبسبب هذه الأمثلة المختلفة يبدو اقتراح مؤشر لقياس التعايش في المجتمعات اقتراحاً وجيهاً ومفيداً يظهر للدول والناس بشكل موضوعي مدى اندماج كافة أطياف المجتمع بشكل عادل وسوي وهذا حتماً مسألة ترضي الجميع.فصلت إحدى القنوات التلفزيونية الأمريكية مقدمة نشرات الأخبار الرئيسية فيها، والتي تركت شعرها يظهر فيه الشيب دون صباغة ولم تقم بعمليات تجميل لوجهها، بحسب إدارة المحطة فسرت أنهم بحاجة لدم جديد، وعلقت المذيعة بحسرة أنه تمييز واضح ضد سني وعمري، كنت أعتقد أن للخبرة قيمة وكنت على خطأ. التمييز قبيح مهما كانت المبررات.