نعى الكاتب والباحث في العلوم السياسية عمار علي حسن، الكاتب والروائي والصحفي الكبير محمد جبريل، الذي وافته المنية مساء أمس الأربعاء بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 87 عامًا.
وقال عمار علي حسن: "غيب الموت أديبًا كبيرًا، وإنسانًا خلوقًا رائعًا، عبر كثيرون على كفيه وهو متطامن راضٍ، فوق شفتيه ابتسامة رائقة، وفي قلبه امتنان عميم. يعمل في صمت، وينتج بدأب، ولا ينتظر شيئًا من أحد، ويمضي مستغنيًا بزهده، ومكتفيًا بسطوره الفياضة بالجمال والمعاني".
وأضاف: "استقبلَنا، هذا الرجل الكريم، في ميعة الصبا، ونحن نخطو على مهل نحو غاياتنا النبيلة، كان يجلس فى صدارتنا برأسه الذى يشتعل شيبًا، يلملم أطرافنا البعيدة فى مكتب وسيع بجريدة المساء، وينصت إلى تباشيرنا بإمعان وجدية ظاهرة. يغمض عينيه حتى يقدح ذهنه، ويلتقط كل شىء من أفواهنا، وكأننا قد استوينا على عروش الأدب. وما إن ينتهى الواحد منا مما ألقاه، شعرًا كان أو قصة أو جزءًا من رواية، حتى يطلب من الآخرين أن يدلوا بدلوهم فيما سمعوه، وفهموه ووعوه. فإن أجاد أحدنا في النقد، باركه وربت كتفه، وإن تجاوز تجريحًا وتقبيحًا زجره، فكان بذلك يعلمنا، فى يسر وسلاسة ومن دون خشونة وفظاظة ولا ادعاء، كيف يمكن أن يكون النقد مدفوعًا بالمحبة قدر اتكائه على العدل والاستقامة العلمية، والعمق والشمول".
وتابع:"أتذكر جيدًا ذلك اليوم من شهر فبراير 1990، الذي حضرت ندوته للمرة الأولى، كنت طالبًا بكلية الضباط الاحتياط، وما إن نزلت من «الباص الميري» أمام محطة سكك حديد مصر، حتى هرعت إلى مسجد الفتح، فخلعت ملابسي العسكرية وارتديت زيًّا مدنيًّا كان مستقرًّا في قعر حقيبتي، وهممت في شارع الجمهورية، ومنه إلى شارع زكريا أحمد حيث «جريدة المساء». على الباب كان موظفو الأمن يتركوننا نصعد إليه، حين نقول لهم: ندوة الأستاذ محمد جبريل.
ولمَّا ترك موقعه رئيسًا للقسم الأدبي في الجريدة، انتقلت الندوة إلى مبنى نقابة الصحفيين القديم ذي الحديقة الساجية والمقاعد الخشبية البسيطة. انقطعت عنها سنين، وعدت ذات مساء، ودخلت على مهل فوجدته جالسًا بين أصدقائه الصغار، ينصت إليهم من جديد. بعض القدامى كان لا يزال موجودًا، وغابت الكثرة، وحل محلها وافدون جدد، جاءوا من الشوارع الخلفية يبحثون عن مكان وسط الزحام الرهيب".
وواصل:" هكذا ظل الأستاذ جبريل مزاوجًا بين رغبته الطاغية في الكتابة، والتي أثمرت عشرات الروايات والمجموعات القصصية والدراسات الأدبية، وبين حرصه على أن يسهم في اكتشاف المواهب وتشجيعها، قدر استطاعته، وذلك في وقت اكتفى فيه كثيرون بما يكتبونه وكأنه الدر المكنون، وأوصدوا أبوابهم أمام الآخرين من الباحثين عن فرصة للتعلم والتحقق، وهربوا منهم، بأنانية مفرطة ووهم طاغٍ بأن الساحة لا يجب أن تتسع إلا لهم، وأن أي نجم يلمع فى سماء الأدب سيسحب من أضوائهم هم فيتساقطون فى بحار الظلمات".
وأردف عمار علي حسن: "ورغم إنتاجه الغزير، لم يلق «جبريل»، حتى هذه اللحظة ما يستحقه من نقد أكاديمي عميق وواسع ولا من جوائز تقدر جهده وإبداعه مهما اختلف حول قيمته وقامته النقاد ومانحو الجوائز، لكن هذا لم يمنعه من أن يكتب هو عن غيره فى حفاوة وحب، غير ملتفت إلى ما يصيبه من تجاهل وجحود، وغير عابئ بما أورثه له الأدب، كتابة ورعاية، من رقة حال، وبساطة عيش، وهموم ثقيلة لا تنقضى أبدًا. فبينما كنت تراه، وهو فى هذه السن المتقدمة، يقفز في «باصات» النقل العام آتيًا من مصر الجديدة قاصدًا قلب القاهرة الزاخر ضجيجًا وطحنًا، كنت تراه أيضًا منكبًا على مكتبه، الأحلام في رأسه والقلم في يده والسطور البيضاء تسكنها الحروف أمامه، فيبدو لك راهبًا مخلصًا للسرد والحكي والإمتاع والمؤانسة، وللجمال والمعنى، والإصرار الذي لا يتراخى على الإضافة والتجويد والتحقق، بكل ما أوتى من استطاعة وموهبة".
واختتم: "هذا الأديب الكبير رحل اليوم، فاللهم ارحمه، واسكنه فسيح جناته. وخالص العزاء لزوجته الناقدة والكاتبة الدكتورة زينب العسال".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة بوابة فيتو ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من بوابة فيتو ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.