الارشيف / فن / الفجر

الشيخ إمام أول فنان يسجن بسبب الغناء.. أعرف القصة


 


يحل اليوم 7 يونيو ذكرى رحيل الشيخ إمام، أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية،أحد كبار علماء الموسيقي قدم العديد من الأغاني الوطنية والإجتماعية التي مازلت موجودة حتي الآن.

 

وفي تقرير مبسط ل "الفجر الفني" سنرصد قصة سجنه بسبب الغناء وبعض المعلومات عنه.

 

الشيخ إمام، واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى  ولد يوم 2 يوليو 1918، في قرية "أبو النمرس" بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة، وكان أول من يعيش لها من الذكور حيث مات منهم قبله سبعة ثم تلاه أخ وأخت.


أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد الحبيبي وفقد بصره بسبب الجهل وأستعمال الوصفات البلدية في علاج عينه، فقضى إمام، طفولته في حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا، رئيس الجمعية الشرعية بابى النمرس وكانت له ذاكرة قوية.


كان والده يحلم أن يكون ابنه شيخًا كبيرًا، لكنه كان قاسيًا في معاملته، أما والدته فكانت النبع الذي أرتوى منه إمام بالحنان في طفولته وعوضه فقد بصره.


وكانت معايرة الأطفال لابنها بالعمى تدفعها للبكاء، كان إمام يندس في مواسم الأفراح والحج، وسط النساء ليسمع غنائهن وأهازيجهن فنشأ صاحب أذن موسيقيه.


لازم إمام، حب الأستماع للشيخ محمد رفعت، وكان الأستماع للإذاعة من ممنوعات الجمعية لكونه بدعة، مع أنه كان يستمع للقرآن، إلا أن الجمعية قررت فصله بالإجماع.


عندما سمع والده بما حدث لابنه من فصل من الجمعية بحث عنه فوجده يقضى نهاره في الحسين وليله في الأزهر حيث كان ينام، فأهانه وضربه وحذره من العودة لقريته مرة أخرى نظرًا للجريمة التي اقترفها بتسببه في فصله من الجمعية.


وبعدها مباشرة توفيت أمه التي كانت أعز ما لديه في الدنيا، ولم يتمكن من تشييعها لمثواها الأخير، وبالفعل لم يعد لقريته إلا حين مات أبوه.


وفى إحدى زياراته لحى الغورية قابل مجموعة من أهالي قريته فأقام معهم وامتهن الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، وكسائر أحداث حياته التي شكلتها الصدفة.

التقى الشيخ إمام بالشيخ درويش الحريري، أحد كبار علماء الموسيقى، وأعجب به الشيخ الحريري بمجرد سماع صوته، وتولى تعليمه الموسيقى.


أصطحب الشيخ الحريري تلميذه في جلسات الإنشاد والطرب، فذاع صيته وتعرف على كبار المطربين والمقرئين، أمثال زكريا أحمد، والشيخ محمود صبح، وبدأت حياة الشيخ في التحسن.


وفى منتصف الثلاثينيات كان الشيخ إمام، قد تعرف على الشيخ زكريا أحمد عن طريق الشيخ درويش الحريري، فلزمه وأستعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة وأكتشاف نقط الضعف بها، حيث كان زكريا أحمد ملولا، لا يحب الحفظ فأستمر معه إمام طويلا، وكان يحفظ ألحانه لأم كلثوم قبل أن تغنيها، وكان إمام يفاخر بهذا.


حتى إن ألحان زكريا أحمد لأم كلثوم بدأت تتسرب للناس قبل أن تغنيها أم كلثوم، مثل أهل الهوى، وأنا في انتظارك، وآه من لقاك في أول يوم.


كان لهذه الواقعة أثر في تحويل دفة حياة الشيخ إمام، مرة أخرى عندما قرر تعلم العزف على العود، وبالفعل تعلم على يد كامل الحمصاني، وبدأ الشيخ إمام، يفكر في التلحين حتى إنه ألف كلمات ولحنها وبدأ يبتعد عن قراءة القرآن وتحول لمغن واستبدل ملابسه الأزهرية بملابس مدنية.


وفى عام 1962، التقى الشيخ إمام، بأحمد فؤاد نجم رفيق دربه، وتم التعارف بين نجم والشيخ إمام عن طريق زميل لابن عم نجم كان جارًا للشيخ إمام، فعرض على نجم الذهاب للشيخ إمام والتعرف عليه، وبالفعل ذهب نجم للقاء الشيخ إمام وأعجب كلاهما بالآخر.


وعندما سأل نجم إمام لماذا لم يلحن أجابه الشيخ إمام أنه لا يجد كلاما يشجعه، وبدأت الثنائية بين الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وتأسست شراكة دامت سنوات طويلة.


ذاع صيت الثنائي نجم وإمام والتف حولهما المثقفون والصحفيون خاصة بعد أغنية: أنا أتوب عن حبك أنا، ثم عشق الصبايا، وساعة العصاري، وأتسعت الشركة فضمت عازف الإيقاع محمد على، فكان ثالث ثلاثة كونوا فرقة للتأليف والتلحين والغناء ساهم فيها العديد لم تقتصر على أشعار نجم فغنت لمجموعة من شعراء عصرها أمثال: فؤاد قاعود، وسيد حجاب.

كغيره من المصريين زلزلت هزيمة حرب يونيو 1967 إمام وسادت نغمة السخرية والانهزامية بعض أغانيها مثل: الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا، يا محلى رجعة ظباطنا من خط النار.


وسرعان ما أختفت هذه النغمة الساخرة الانهزامية وحلت مكانها نغمة أخرى مليئة بالصحوة والاعتزاز بمصر مثل مصر يا امة يا بهية.


أنتشرت قصائد نجم التي لحنها وغناها الشيخ إمام كالنار في الهشيم، داخل وخارج مصر، فكثر عليها الكلام وأختلف حولها الناس بين مؤيدين ومعارضين.


في البداية استوعبت الدولة الشيخ وفرقته وسمحت بتنظيم حفل في نقابة الصحفيين وفتحت لهم أبواب الإذاعة والتليفزيون.


لكن سرعان ما أنقلب الحال بعد هجوم الشيخ إمام في أغانيه على الأحكام التي برئت المسئولون عن هزيمة 1967، فتم القبض عليه هو ونجم ليحاكما بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، لكن الأمن ظل يلاحقهما ويسجل أغانيهم حتى حكم عليهما بالسجن المؤبد ليكون الشيخ أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية.


قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة يوليو حتى نصر أكتوبر يتنقلوا من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر وكان يغني وهو ذاهب إلى المعتقلات اغنيته المشهورة شيد قصورك ومن قضية إلى أخرى، حتى أفرج عنهم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.


في منتصف الثمانينيات تلقى الشيخ إمام، دعوة من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء بعض الحفلات في فرنسا، فلاقت حفلاته إقبالًا جماهيريًا كبيرًا.


بدأ في السفر في جولة بالدول العربية والأوروبية لإقامة حفلات غنائية لاقت كلها نجاحات عظيمة، وللأسف بدأت الخلافات في هذه الفترة تدب بين ثلاثى الفرقة الشيخ إمام ونجم ومحمد على، عازف الإيقاع لم تنته إلا قبل وفاة الشيخ إمام بفترة قصيرة.


وفى منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام الذي جاوز السبعين العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بحي الغورية ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق حتى توفي في هدوء في 7 يونيو 1995 تاركًا وراءه أعمالًا فنية نادرة.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الفجر ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الفجر ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.