أكدت دراسة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم السياسية عن النظام الانتخابي والنظام الحزبي في الجزائر أن أسلوب الانتخاب بالقائمة النسبية يؤدي إلى تفتت النظام الحزبي، وتوزيع المقاعد النيابية على عدد كبير من الأحزاب، وهو اكتشاف يسري على النظم السياسية الاخري المتشابهة وليس الجزائر فقط..
فقد حصل الباحث علي محمود محجوب، مدير تحرير دورية " آفاق أفريقية" الصادرة عن قطاع الإعلام الخارجي بالهيئة العامة للاستعلامات، على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية بتقدير ممتاز من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.
الباحث المصري
حملت رسالة الدكتوراه عنوان «تأثير النظام الانتخابي على النظام الحزبي في الجزائر 1997- 2014 ، وركزت الدراسة على تحليل تأثيرات تباين الانظمة الانتخابية في الجزائر على النظام الحزبي بها منذ تجربة التعددية السياسية والحزبية في الجزائر عام 1989 وحتي الان.
شارك فى المناقشة الاستاذة الدكتورة هدي ميتكيس أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، رئيسا ومناقشا من الداخل، والاستاذ الدكتور محمد صفي الدين خربوش، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مشرفا، والاستاذة الدكتورة وفاء الشربيني مشرفا مشاركا، والاستاذة الدكتورة أحلام السعدي فرهود استاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، عضو لجنة المناقشة من الخارج.
حلل «الدكتور علي محجوب »، في رسالته نتائج تمثيل الاحزاب الجزائرية في الانتخابات التشريعية للمجلس الشعبي الوطني بالجزائر التي جرت اعوام 1997 و2002 و2007 و2012 ، وتوصل إلى أن اتباع الجزائر لنظام التمثيل النسبي بالقائمة المغلقة أدي إلى حدوث حالة من التعدد الحزبي المفرط وتمثيل الأحزاب الصغيرة سواء علي المستوي العددي بحدوث زيادة شبه مطردة في أعداد الأحزاب الممثلة في البرلمان الجزائري من 22 حزباً في انتخابات عام 2007 إلى 27 حزباً في انتخابات عام 2012 ثم إلى 36 حزباً في الانتخابات التشريعية لعام 2017.
وأشار الباحث أنه علي مستوي الاحصائي وفقا لمقياس لاكسيو وتاجبيرا للعدد الفعال للاحزاب البرلمانية(ENPP) خلال الانتخابات التشريعية الجزائرية الأربعة من عام 1997 وحتي 2012 وصل إلى 4.14 بما يضع الجزائر في درجة متقدمة من حالة التفتت الحزبي، رغم تفاوت هذا المعدل من انتخابات لاخري حيث بلغ ادناه في انتخابات عام 2002 بحوالى 3.27، بينما بلغ اقصاه في انتخابات عام 2007 بحوالى 5.49، كما ظهر بصورة متوسطة ايضا في الانتخابات التشريعية لعام 2012 بحوالى 3.71، بينما كان في انتخابات عام 1997 حوالي 4.1.
وأوضحت الدراسة أن نظام التمثيل النسبي بالقائمة المعلقة المتبع في انتخابات المجلس الشعبي الوطني بالجزائر ساهم في تفتت النظام الحزبي بظهور الأحزاب الصغيرة والمجهرية التي لا يتعدي تمثيلها برلمانيا إلا مقعد أو اثنين أو ثلاثة.. فعلي سبيل المثال ارتفعت نسبة نسبة الأحزاب المجهرية الحاصلة علي ثلاثة مقاعد فأقل الي حوالي 60% في انتخابات عام 2012 بواقع 16 حزبأ من واقع 27 حزباً لها تمثيل في البرلمان..
وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة طردية بين تبني الجزائر لنظام التمثيل النسبي كنمط انتخابي وسيادة نمط الحزب المهيمن عبر تحالف حزبي جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي منذ انتخابات عام 1997 وحتي انتخابات يونيو 2021، ففي انتخابات 1997 حصل الحزبان علي نسبة حوالي 58%، مع ملاحظة أنها المرة الوحيدة التي تراجع فيها حزب جبهة التحرير الوطني عن احتلال المركز الاول في الانتخابات التشريعية خلال فترة الدراسة.، وفي الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت مؤخرا في 12 يونيو 2021 حصل الحزبان المهيمنان جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي علي 156 مقعدا من اجمالي 407 مقعدا، بنسبة 37 % ، وذلك بعدما خفضت التعديلات الدستورية الاخيرة التي تمت بعد احداث الحراك الشعبي في الجزائر في فبراير 2019 عدد مقاعد المجلس الشعبي الوطني..
وأشارت الدراسة إلى وجود علاقة ايجابية طردية بين استخدام نظام التمثيل النسبي كنمط انتخابي وظاهرة الانشقاقات الحزبية في النظام السياسي الجزائري، فقد رصدت الدراسة ظهور 9 حالات لانشاقات حزبية بالنظام الحزبي الجزائري خلال الفترة 1997 /2014.. ظهرت هذه الحالات الانشقاقية لدي أحزاب من مختلف التيارات السياسية الجزائرية، بداية من التيار الوطني حينما خرج حزب التجمع الوطني الديقراطي (الارندي) من رحم حزب جبهة التحرير الوطنيي (الافلان) قبيل انتخابات عام 1997، وانتقالاً إلي التيار الديمقراطي بخروج الحركة الشعبية الجزائرية لعمارة بن يونس من رحم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في عام 2012.
كما تطرقت الدراسة إلي أن الدور الحيوي لمؤسسة الرئاسة داخل النظام السياسي الجزائري والذي يستمد أساسه من ضمن عناصر أخرى من انتخابات رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر من قبل الشعب، جعل مؤسسة الرئاسة هي مفتاح قبة النظام ومحور سمو لهذه المؤسسة على المؤسسة التشريعية أو المجلس المنتخب، وهو الشيء الذي أدّى إلى مــا يعرف " برأسسة النظام" والذي يحيّد إلى حد بعيد آثار أنماط الاقتراع على النظام السياسي، ويقلل من تأثير اتباع نظام التمثيل النسبي علي النظام الحزبي في حالة ظهور نتائج أو تأثيرات لا تروق للرئيس ومؤسسة الرئاسة، وبخاصة في ظل عدم إلزام الدستور الجزائري رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الحكومة من الأغلبية البرلمانية للأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية..
كما خلصت الدراسة الي الدور الحيوي للمؤسسة العسكرية علي النظام السياسي الجزائري ككل وعلي نظمه الفرعية ومنها النظام الحزبي، لأن قوة هذا الدور تتضح في التأثير علي التحكم في مؤسسة الرئاسة نفسها ومن يكون رئيساً ومن يتم ابعاده عن هذه المنصب الكبير؟ ومتى؟.. فيما يعرف بنظرية "الطـوق العـازل" أو يسميها البعض نظرية "القاطع الكهربائى والقوابس" التي ذكرها أكتر من باحث عربي وجزائري عند تحليلهم لطبيعة النظام السياسي الجزائري من منظور العلاقات المدنية- العسكرية..
وأشارت الدراسة إلى عنصر ثقافي هام ومؤثر علي الحياة السياسية الجزائرية عامة ومن ضمنها الحياة الحزبية، وهو إشكالية الصراع بين المعرب والمفرنس، وهي الظاهرة التي لا تقتصر علي الجزائر فقط وإنما تمتد لتشمل باقي دول المغرب العربي- تونس والجزائر ولحد ما موريتانيا-، ولكنها متعمقة بصورة كبيرة في الجزائر التي عانت من فترة احتلال فرنسي كبيرة امتدت قرابة 130 عاما، فكأنه تحتاج إلي فترة زمنية أطول وخروج أجيال تالية حتى يتم التقليل من هذه الإشكالية وتأثيراتها علي الحياة السياسية والحزبية خاصة.
كما أشارت الدراسة في الخاتمة إلى أهم نتائج الحرك الشعبي بعد الموافقة علي التعديلات الدستورية وقيام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بحل المجلس الشعبي الوطني في فبراير 2021 ومصادقة المجلس الدستوري علي الأمر الرئاسي رقم 1 سنة 2021 المسمي بالقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات في 10 مارس 2021 وكان من أهمها الإبقاء علي نظام التمثيل النسبي في انتخابات المجلس الشعبي الوطني ولكن على القائمة المفتوحة، وبتصويت تفضيلي دون مزج، وذلك بعدما كانت بنظام القائمة المغلقة، مع مراعاة مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، وأن تخصص على الأقل ثلث الترشيحات للمترشحين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة..
وانتهت الدراسة بالتوصية بأهمية عمل مزيد من الدراسات المقارنة بين الدول العربية المتبعة لنظام التمثيل النسبي في انتخابات مجالسها التشريعية، ومقارنة تأثيره علي النظم الحزبية لديها وهل أحدث ظاهرة تفتت النظام الحزبي أم لا؟، و إعداد مزيد من الدراسات عن تأثير ظاهرة المال السياسي المتزايدة علي النظم الحزبية في الدول العربية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.