عبد الوهاب الجندى
الجمعة، 31 يناير 2025 02:18 مفند نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري، في مقال، الأسباب التى أدت إلى مقترح تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول الجور وجاء فيه: سوف أحاول فى البداية أن أكون متمتعا بحسن الظن عندما أتعرض إلى تصريحات الرئيس الأمريكى «ترامب» التى أدلى بها يوم 25 يناير الحالى وهو على متن طائرته الرئاسية بشأن تهجير سكان القطاع، حيث رأى من وجهة نظره أن غزة المدمرة أصبحت جحيما ومن ثم يطلب نقل نحو مليون ونصف المليون من سكانها إلى كل من الأردن ومصر لفترة مؤقتة أو ممتدة، وبالتالى فإن حسن ظنى يقودنى إلى غلبة الجانب الإنسانى لدى الرئيس «ترامب» وأنه يركز على هذا الجانب من القضية الفلسطينية فقط كمقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل".
وأضاف: "وفى سياق استمرارية حسن الظن أرى أن مادفع «ترامب» إلى طرح هذا المقترح هو تلك الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التى شاهدها فى القطاع، ومن ثم توصل إلى مقترح التهجير – بغض النظر عن التعبيرات التى استخدمها سواء تشجيع أو تطهير أو تعبير CLEAN UP – تحت مبرر حرصه على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا ودون اضطرابات.
وفى المقابل فإن من واجبى أن أتطرق إلى الجانب الآخر أو الخفى فى هذا المقترح الذى سيؤدى فى حالة تنفيذه إلى تفريغ غزة من أغلبية سكانها، وحتى أكون موضوعيا سوف أثير مجموعة من الاستفسارات المهمة ارتباطا بهذا المقترح حتى تتضح فى ضوء الإجابة عنها طبيعة أهدافه ومدى إمكانية تنفيذه من عدمه، وهى كما يلى:
• لماذا تم طرح هذا المقترح بهذه السرعة وعقب تولى «ترامب» السلطة بأيام قليلة وبعد التوصل لاتفاق الهدنة فى غزة؟ بمعنى هل كانت النية مبيتة من قبل لإعلان المقترح فى هذا التوقيت؟.
• هل يمكن القول إن هذا المقترح يعد مقترحا أمريكيا أم أنه جزء من مشروع إسرائيلى سوف يتم طرحه على مراحل مستقبلا؟.
• هل هناك قناعة لدى «ترامب» بأن كلا من مصر والأردن سوف تقبلان هذا المقترح رغم أنه يعلم مسبقا بالموقف الصارم لهاتين الدولتين برفض موضوع التهجير؟ وهل فوجئ بردود فعل المؤسسات الرسمية والشعبية من جانب الدولتين تجاه المقترح؟.
• هل يملك «ترامب» أى ضمانات بأن السكان الذين سوف يغادرون غزة سيعودون إليها مرة أخرى، أخذا فى الاعتبار قضيتى اللاجئين والنازحين ورفض إسرائيل تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1947 بشأن عودة اللاجئين وتعويضهم؟.
• هل هناك ضمانات بألا تقوم إسرائيل بإعادة احتلال القطاع المدمر والخالى من معظم سكانه وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الذين يترقبون الفرصة للانقضاض على غزة؟.
• هل تهجير سكان غزة لن يشجع إسرائيل على تنفيذ مخطط تهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن الذى لايزال اليمين الإسرائيلى المتطرف يراه الوطن البديل؟.
• هل لا توجد لدى الولايات المتحدة التى تمتلك أهم المراكز البحثية فى العالم أى أفكار أخرى لحل مشكلة غزة سوى تهجير سكانها؟.
• هل مقترح التهجير سوف يساعد فى حل القضية الفلسطينية؟ أم أنه خطوة تمهيدية نحو تصفية القضية ؟.
• ماهى الأدوات التى تمتلكها واشنطن لتنفيذ مقترح التهجير إلى بعض الدول هل من خلال الوعيد أم التهديد؟ وهل ستستخدم تلك الأدوات؟.
• هل شاهد الرئيس «ترامب» النازحين وهم يهرعون نحو العودة إلى منازلهم المدمرة فى شمال غزة ليقيموا خيامهم على أنقاضها دون أن نسمع رغبتهم فى الرحيل عن أراضيهم؟.
وإذا حاولنا الإجابة عن هذه الاستفسارات بكل شفافية ومصداقية فإن قراءة الواقع الراهن سوف تقودنى إلى نتيجة واحدة وهى أن مقترح التهجير يعد مجحفا بحقوق الشعب الفلسطينى ويعيد مأساة اللجوء والنزوح التى عانى منها الفلسطينيون عامى 1948 و1967 دون أى حلول حتى الآن، بل أزيد على ذلك وأقول إنه حق يراد به باطل.
وبالتالى فإننى أرى أنه من الطبيعى أن يواجه هذا المقترح بالرفض التام مثلما تم مع صفقة القرن، خاصة أنه يتماشى مع المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية، أما فى حالة رغبة الرئيس الأمريكى فى أن يحدث اختراقا فى هذه القضية يحسب لصالحه فإنى أرى أن البديل الذى يمكن قبوله بدلا من مخطط التهجيرالمشبوه أن تبلور الولايات المتحدة رؤيتها المتكاملة لحل القضية على غرار معايير كلينتون المطروحة عام 2000، ثم تقوم بجمع الأطراف المعنية لبدء النقاش أو التفاوض على أساس هذه الرؤية حتى يتم التوصل إلى حلول وسط مقبولة من الجميع. وإذا سلمنا بأن هناك صعوبات أمامنا لمواجهة التحيز الأمريكى المطلق لإسرائيل وتقديم كل الدعم السياسى والعسكرى والاقتصادى لها، إلا أنه لا مفر أمامنا سوى التصدى لأى اتفاقات أمريكية إسرائيلية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية مهما كانت طبيعتها، وذلك من خلال استخدام كل الأدوات السلمية المتاحة وأهمها الرفض الواضح لمقترح التهجير مع أهمية طرح المبررات المنطقية لهذا الرفض دون تهوين أو تهويل.
وفى رأيى أنه من الأفضل أن تكون مواجهة مثل هذه المقترحات المجحفة فى إطار عربى جماعى حتى تعلم واشنطن أن الدول العربية حتى لو كانت هناك اختلافات طبيعية بينها فى بعض القضايا، إلا أنها تتفق جميعها على ثوابت القضية العربية المركزية وهى القضية الفلسطينية.
وفى ضوء ماسبق فإن أى مقترحات سوف تطرحها الولايات المتحدة أو أى دولة أخرى لاتلبى تطلعات الشعب الفلسطينى فى أن يعيش فى دولة مستقلة مثل كل شعوب العالم سوف يكون مصيرها الرفض، بل ستؤدى إلى مزيد من التوتر فى المنطقة، وهنا أطالب جميع الدول التى تتحدث عن حقوق الإنسان أن تهتم بقضية الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين، حيث إن الواقع يؤكد أن هذه الدول لاتزال بعيدة كل البعد عن المبادئ الإنسانية والسياسية التى تنادى بها وللأسف لاتسخرها إلا لمصالحها فقط .
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.