غير مصنف / مصر اليوم

بعد انعدام "الأدوية والمُعدات" فيها.. مستشفيات غزة تتحول لـ"ساحات الموت البطيء"

حين تذوب الآلام بين أنقاض المشافي ي قطاع غزة، ويكتم الأمل أنفاسه من طلقات القناصة، تصبح الكارثة أكثر من مجرد أرقام، بل تتعلق بأرواح تُطفأ بهدوء، وصيحات خافتة لمرضى ينتظرون الموت لا لشيء، سوى أنهم لم ينزفوا بما يكفي ليلفتوا انتباه أحد.

غزة تعاني من اغتيال منظم لنظامها الصحي، حتى بات الأطباء يجرون الجراحات بمصابيح يدوية، ويودّعون مرضاهم كما لو كانوا يشعلون شمعة أخيرة في نفقٍ لا نهاية له.

في تقرير نشره موقع "+972" الإسرائيلي، يرصد واقعًا أكثر قتامة مما ترويه العناوين العريضة: "موت صامت يتسلل إلى غرف الإنعاش، وإبادة باردة تطال المرضى والطواقم الطبية على حدٍ سواء"، في هذا السرد المأساوي، يستعرض الموقع حجم المأساة التي تعيشها مستشفيات غزة، حيث أصبح البقاء على قيد الحياة حلمًا يتلاشى مع كل يوم جديد.

في 23 مارس المنصرم، أُرسلت فرق من الهلال الأحمر والدفاع المدني إلى محافظة رفح الفلسطينية في مهمة إنقاذ لزملاء استُهدفوا في وقت سابق، ما بدأ كمهمة إسعاف، انتهت بجريمة إعدام جماعية موثقة، فقد انقطع الاتصال بالفريق، قبل أن يُعثر عليهم بعد أيام، وقد دُفنوا تحت ركام مركباتهم، التي هُدمت فوق جثثهم بواسطة جرافة إسرائيلية، بعد أن قُيّدت أياديهم وأُعدموا عن قرب.

وصف جوناثان ويتال من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، في بيانه عقب اكتشاف المقبرة في تل السلطان، المشهد، قائلًا: "نُخرجهم بزيهم الرسمي وقفازاتهم".

وصرّح محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني، قائلًا: "كان أحدهم عاريًا تمامًا، ورأس آخر قد فُصل عن جسده".

بحسب مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فقد استُشهد 1402 عامل طبي منذ 7 أكتوبر، في واحدة من أعنف الحملات في التاريخ الحديث ضد الطواقم الطبية.

الهجمات لم تقتصر على الأفراد، بل شملت المستشفيات والبنية التحتية ككل، فقد تم تدمير 34 مستشفى وإخراجها عن الخدمة، إضافة إلى استهداف 240 مركزًا ومرفقًا صحيًا و142 سيارة إسعاف، إذ بلغت الخسائر التقديرية للقطاع الصحي أكثر من 3 مليارات دولار.

ووفقًا لما وثّقته منظمات حقوقية، فإن القوات الإسرائيلية داهمت عددًا من المستشفيات، بينها مستشفى الشفاء وناصر، واستخدمتها كمواقع عسكرية، مما تسبب في وفاة عدد من المرضى الذين تُركوا دون علاج أو تم إخراجهم بالقوة.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي، أعلن الدكتور محمد زقوت، مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة، أن النظام الصحي في غزة دخل حالة "موت سريري"، مشيرًا إلى أن الحصار الكامل ومنع دخول الأدوية والمستلزمات والوقود ساهم في تفاقم الأزمة.

داخل المستشفيات، لا مشاهد تُشبه المرافق الطبية، المرضى يُعالجون على الأرض، بلا معدات، بلا أدوية، بل حتى دون أكسجين.

وحول هذا المشهد، يقول زقوت: "نحن لا نُعاني من نقص، بل من غياب تام، لم يتبقَّ لدينا شيء".

يُشبّه الدكتور أحمد خليل، وهو طبيب قضى 540 يومًا في التنقل بين المستشفيات المُدمّرة، الوضع بمرحلة "العصور الوسطى"، ويقول لموقع +972: "نعالج المرضى بلا كهرباء، بلا تخدير، نستخدم أيدينا العارية ومصابيحنا اليدوية".

خلال محاصرة مستشفى الشفاء، اضطر "خليل" إلى الفرار مع المرضى لمستشفى ناصر، لكنه لم يجد هناك سوى جراح مفتوحة ومرضى يموتون وهم ينتظرون دورهم في العناية المركزة،

ويروي "خليل" قصة شاب توفي بعد ساعة من وصوله بسبب غياب أبسط أدوات التشخيص والعلاج.

تقول آمنة، ممرضة منذ 10 سنوات في مستشفى الشفاء: "تحوّل المستشفى إلى مقبرة جماعية، لم نكن نعرف من نُعالج أولًا، ومن نُضطر لتركه يموت ببساطة لأننا لا نملك أي وسيلة لمساعدته".

في كل زاوية، هناك ألم، يقول خليل: "نُجري عمليات جراحية بينما القنابل تتساقط فوقنا، نحن لا نعالج الصدمة فحسب، بل نعيشها، نحن الجرحى الذين يُعالجون الجرحى".

قصة هيثم حسن حجاج، مهندس مدني يبلغ من العمر 41 عامًا، تُجسّد حجم المأساة، الذي توفي بعد أشهر من المعاناة من مرض السيلياك و(وهو داء بطني واضطراب هضمي مناعي ‏يؤثر بشكل رئيسي على الأمعاء الدقيقة، حيث يصاب الأفراد بحساسية للجلوتين الموجود في الأطعمة مثل القمح والشعير)، ولعدم وجود نظام غذائي خالٍ من الجلوتين، زوجته منى قالت وفق موقع +972: "كان كل ما لدينا هو القمح، وهو ما كان يقتله يومًا بعد يوم".

هيثم لم يمت بقنبلة، بل بـ"صمت النظام الصحي" الذي لم يعد يملك القدرة على التشخيص أو توفير علاج بسيط، حلمه بإتمام الدكتوراه تحوّل إلى ذكرى مؤلمة لأطفاله الذين يسألون أمهم: "متى يعود بابا؟"

نبيل ظافر، 64 عامًا، فقد بصره بعدما انقطعت عنه حقن علاج الجلوكوما بسبب الحصار، كان يُفترض أن يُجري جراحة بسيطة، زوجته تقول: "الآن، لا يستطيع حتى رؤية وجوه أبنائه، يجلس قرب النافذة يسألني، صِفي لي الشارع، هل الأشجار ما زالت هناك؟"

"ظافر" لم يفقد البصر فقط، بل فقد الدور الذي كان يؤديه داخل أسرته، الحصار لم يسرق نظره فحسب، بل كرامته ومعنى وجوده في حياة أحبائه.

عطا أحمد، 19 عامًا، أصيب بشلل نصفي إثر غارة جوية في حي الشجاعية، وخضع لعدة عمليات، لكن وضعه يزداد سوءًا، فيقول وفق "+972": "كل ما أتمناه هو الحصول على العلاج، لم أعد أستطيع الانتظار أكثر، أشعر أنني أموت ببطء".

يُعد عطا أحد عشرات الآلاف من الحالات الطبية التي تنتظر فرصة للعلاج في الخارج، ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، فإن ما لا يقل عن 40% من هذه الحالات فارقت الحياة أثناء انتظارها.

 

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الحكاية ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الحكاية ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر منقول وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا